تحدث خطيب وإمام جمعة مسجد الكوفة المعظم فضيلة السيد كاظم الحسيني (دام توفيقه) اليوم ٧ رجب الأصب ١٤٤٥ الموافق ١٩ كانون الثاني ٢٠٢٤ عن الاقتصاد الإسلامي وتحركه لتوفير المواد الحيوية ومقومات العيش الكريم للفرد والمجتمع، وتناول الأنشطة الاقتصادية التي حرمها الإسلام كالربا الذي أصبح ظاهرة مستشرية في المجتمع.
وقال الحسيني: من القوانين الأساسية التي أرساها الإسلام في بناء الدولة وحماية الشعب من الاستغلال، قوانين الاقتصاد، وتنظيم العلاقات المالية والتجارية، ووسائل الإنتاج في ضوء المجتمع والعمل والثروات الطبيعية والسوق ونحوها، مبينًا: أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) في كتابه المهم (اقتصادنا) تناول بنفس علمي فريد تحليل نصوص الكتاب والعترة، في استكشاف المذهب الاقتصادي في الإسلام، الذي يعالج مشاكل الحياة الاقتصادية المعقدة.
وأضاف: وقد ذكر السيد الشهيد في كتابه، أن الاقتصاد الإسلامي يقوم على أركان أساسية، ومنها ركن العدالة الاجتماعية، المتقوم بمبدأين هما: التكافل العام، ومبدأ التوازن الاجتماعي، والغرض من هذه الأركان والمبادئ أنها تكفل للمجتمع سعادته وكرامته، منوهًا إلى أن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد واقعي أخلاقي إنساني، ومن هنا فإن الإسلام كافح كل نشاط اقتصادي يؤدي إلى تعاسة المجتمع، ويؤسس الفقر، وناضل ضد كل عملية انتاج لا تنسجم مع كرامة الانسان وحقوقه الطبيعية، من قبيل الربا واستغلال الصبيان والنساء في العمل.
وأوضح: إن الاقتصاد في الإسلام لا يتحرك وفقًا لمؤشرات العرض والطلب في السوق، ولا بناءًا على صعود قيمة العملة و انخفاضها، وإنما يتحرك في ضوء توفير المواد الحيوية اللازمة، ومقومات العيش الكريم للفرد والمجتمع، وهذا فارق أساس بين المذهب الاقتصادي في الاسلام والمذهب الاقتصادي الاشتراكي والرأسمالي، لافتًا إلى أن من الأنشطة الاقتصادية التي حرمها الإسلام الربا في القرض، ومع الأسف الشديد أن هذا النشاط أصبح ظاهرة مستشرية في المجتمع، مع وضوح حرمته، حيث أن المرابي لن يرتاح بهذا المال الذي كسبه من الحرام، وكيف يرتاح من يأكل في بطنه نارًا.
وبين خطيب وإمام جمعة مسجد الكوفة المعظم أن النار كناية على احتراق سكينة النفس، ودوام اضطرابها، وتأثير ذلك على صحته النفسية والبدنية، فالمال الذي تصوره المرابي سببًا للراحة، إذا به يكون سببًا للشقاء، إن عاجلًا أو آجلًا، مشيرًا إلى أن هذا المعنى يسري على كل من أكل مال الغير بالحرام كأكل مال اليتامى، وأكل مال الورثة، والغش في الميزان، والتدليس بالسلعة، وإنكار الدَّين أو الامتناع عن تسديده ظلمًا وجورًا، والاعتداء على المال العام بالمكر والحيلة، واستغلال السلطة لنهب الآخرين.
وختم السيد كاظم الحسيني خطبته بلفت النظر إلى أن اليتيم هو من انقطع عنه المحامي وهو يشمل الطفل الصغير أي اليتيم الشرعي الذي انقطع عن أبيه، ويشمل المعنى العام لليتم كالبنت التي يحرمها إخوانها من إرثها لمجرد أنها أنثى ضعيفة، ويشمل الشعب المستضعف بغياب الإمام المهدي (عجل الله فرجه) عندما تتسلّط على ثرواته وحقوقه مافيات اللصوص، مؤكدًا أنه يشمل أيضًا كل من لا يجد له نصيرًا على سالب أمواله وآكلها بالحرام، فهذه الأموال التي أكلوها بالحرام إنما هي نار في بطونهم في الدنيا، وسعير يحترقون به في الآخرة.